خطبة الجمعة القادمة بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 9 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 17 مايو 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م بصيغة word بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م بصيغة pdf بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 مايو 2024م بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة .
أولًا: دينُنَا دينُ المحافظةِ.
ثانيًا: واجبُنَا تجاهَ الأماكنِ والمرافقِ العامَّةِ.
ثالثــــًا وأخيرًا: هيَّا لننهضَ ببلدِنَا مصرَ الغاليةِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 مايو 2024م بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة : كما يلي:
واجبُنَا نحوَ المنافعِ المشتركةِ والأماكنِ والمرافقِ العامَّةِ للدكتور مُحمد حرز
بتاريخ: 9 ذو القعدة 1445هــ –17 مايو 2024م
الحمدُ للهِ المتفضلِ على عبادِهِ بالنعمِ التي تترَا، والحمدُ للهِ الذي جعلَ لنَا مِن كلِّ هَمٍّ فرجًا، والحمدُ للهِ الذي جعلَ في إماطةِ الأذَى عن الطريقِ صدقةً وأجرًا، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة :3 ). وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وليُّ الصالحينَ. وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: ( نزَعَ رجلٌ لم يَعْمَلْ خيرًا قطُّ غُصْنَ شوكٍ عن الطريقِ، إما كان في شجرةٍ فقَطَعَه وألقاه، وإما كان موضوعًا فأَماطَه، فشَكَرَ اللهَ له بها؛ فأدَخَلَه الجنةَ )، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلِّمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
يا سيدَ العقلاءِ يا خيرَ الورَى*** يا مَنْ أتيتَ إلى الحياةِ مبشرًا
وبُعثتَ بالقرآنِ فينَا هاديًا ***وطلعتَ في الأكوانِ بدرًا نيرًا
واللهِ ما خلقَ الإلهُ ولا برَى ***بشرًا يُرى كمُحمدٍ بينَ الورَى
أما بعدُ ….. فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ((آل عمران :102)
عبادَ الله: (واجبُنَا نحوَ المنافعِ المشتركةِ والأماكنِ والمرافقِ العامَّةِ)عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .
عناصرُ اللقاءِ:
أولًا: دينُنَا دينُ المحافظةِ.
ثانيًا: واجبُنَا تجاهَ الأماكنِ والمرافقِ العامَّةِ.
ثالثــــًا وأخيرًا: هيَّا لننهضَ ببلدِنَا مصرَ الغاليةِ.
أيُّها السادةُ: بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ أنْ يكونَ حديثُنَا عن واجبِنَا نحوَ المنافعِ المشتركةِ والأماكنِ والمرافقِ العامَّةِ، وخاصةً وما أجملَ أنْ تكونَ حياتُنَا الخاصةُ والعامَّةُ مرتبطةً بعقيدتِنَا وشريعتِنَا التي ارتضاهَا لنَا ربُّنَا جلَّ وعلَا، وخاصةً وأَنَّ الْحِفَاظَ عَلى الأماكنِ والْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَقُومُ الدَّوْلَةُ بِبِنَائِهَا وَتَطْوِيرِهَا صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْإِصْلَاحِ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ كُلِّهِ، وخاصةً ولَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ جلَّ وعلا عَلَينَا بِالعَدِيدِ مِنَ النِّعَمِ، وَالكَثِيرِ مِنَ الْمِنَنِ، فَتَطَوَّرَتِ الخِدْمَاتُ وَنَمَتِ المُنْجَزَاتُ، وَيَكْفِي دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ: هَذِهِ الخِدْمَاتُ الطِّبِّيَّةُ المُتَمَثِّلَةُ بِدُورِ العِلَاجِ كَالْمُسْتَوْصَفَاتِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ، وَهَذِهِ أَمَاكِنُ تَلَقِّي الْعِلْمِ بِالْمَجَّانِ كَالْمَدَارِسِ وَالْمَعَاهِدِ وَالْجَامِعَاتِ، وَهَذِهِ الطُّرُقَاتُ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ سَهْلَةً مَيْسُورَةً بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا إِعْنَاتٍ، وَهَذِهِ الْحَدَائِقُ وَالْمُتَنَزَّهَاتُ وَشَبَكَاتُ الْكَهْرَبَاءِ وَالْمِيَاهِ وَالاِتِّصَالَاتِ، فَكُلُّ هَذِهِ النِّعَمِ الْوَفِيرَةِ وَالْمِنَنِ الْكَثِيرَةِ تَحْتَاجُ مِنَّا إِلَى شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَسْخِيرِهَا وَتَذْلِيلِهَا لَنَا، قَالَ جلَّ وعلا: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الجاثية:13.
وللهِ درُّ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضى اللهُ عنهُ وأرضاهُ:
إِذا كُنتَ في نِعمَةٍ فَارعَها **** فَإِنَّ المَعاصِي تُزيلُ النِعَم
وَحافِظ عَلَيها بِشكري الإِلَهِ *** فَإِنَّ الإِلَهَ سَريعُ النِّقَم
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة
أولًا: دينُنَا دينُ المحافظةِ.
أيُّها السادةُ: لَقَدْ أَمَرَتْنَا الشَّرِيعَةُ الاسلاميةُ الغراءُ بِحِفْظِ الْحُقُوقِ وَحَرَّمَتْ الإِضْرَارَ بِالآخَرِينَ، وَحَذَّرَتْ مِنْهُ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ، وَمِنْ صُوَرِ الإِضْرَارِ بِالآخَرِينَ: الاِعْتِدَاءُ علَى المُمْتَلَكَاتِ الْعَامَّةِ، وَالْحَيْلُولَةُ دُونَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، قَالَ جلًّ وعلا: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} الأحزاب: 58، وفِي صَحِيحِ مسلمٍ مِن حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ tأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ)، وكيفَ لا ؟ والمحافظةُ على المرافقِ العامةِ والأماكنِ العامَّةِ والمنافعِ العامَّةِ مِن أعظمِ مقاصدِ الدينِ التي دعتْ إليهَا الشريعةُ الغراءُ والمحافظةُ على المرافقِ العامَّةِ والأماكنِ العامَّةِ والمنافعِ العامَّةِ مطلبٌ شرعيٌّ، وواجبٌ وطنيٌّ وعملٌ إنسانيٌّ وَمَسْؤُولِيَّةٌ مُجْتَمَعِيَّةٌ ومقصدٌ مِن مقاصدِ الشريعةِ الإسلاميةِ، الكلُّ مطالبٌ به، والكلُّ محاسبٌ عنهُ بينَ يدَيِ اللهِ لِمَن فرَّطَ وأهملَ واستباحَ، قالَ ربُّنَا جلّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنفال: 27)، ومِن أعظمِ الأماناتِ: المحافظةُ على المرافقِ العامَّةِ والأماكنِ العامةِ والمنافعِ العامَّةِ، وخطورةُ الاعتداءِ عليهَا بحالٍ مِن الأحوالِ. فالشريعةُ الإسلاميةُ جاءتْ لتحقيقِ مصالحِ البلادِ والعبادِ ، والسّموِّ بالنفس البشريةِ ، والارتقاءِ بها إلى أعلى الدرجاتِ ، فكلُّ ما يحققُ النفعَ العام للناس يكونُ موافقًا للشرعِ ،وإن لم يردْ فيه نصٌّ صريحٌ، وكلُّ ما يصطدمُ مع مصالحِ الناسِ ومنافعِهم فلا أصلَ له في الشرع الشريفِ فالشَّرِيعَةُ عَدْلٌ كُلُّهَا، وَرَحْمَةٌ كُلُّهَا، وَمَصَالِحٌ كُلُّهَا، وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا، فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنِ الْعَدْلِ إِلَى الْجَوْرِ، وَعَنِ الرَّحْمَةِ إِلَى ضِدِّهَا، وَعَنِ الْمَصْلَحَةِ إِلَى الْمَفْسَدَةِ، وَعَنِ الْحِكْمَةِ إِلَى الْعَبَثِ فليستْ من الدين في شيءٍ.
وكيف لا ؟ ونِعَمُ اللهِ تعالَى عليَّ وعليكُمْ كثيرةٌ أيُّها الأخيارُ، قالَ جلَّ وعلا: {وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْـًٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }، وقالَ جلَّ وعلا: {وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }، فنعمُ اللهِ جلَّ وعلا على الإنسانِ تغمرُهُ مِن أخمصِ قدمِهِ إلى منبتِ شعرِهِ، نعمٌ قد نعلمُهَا ونعرفُهَا وما يخفَى علينَا مِن النعمِ ولا نعلمُهُ أكثرَ وأكثرَ، قالَ جلَّ وعلا: { أَلَمْ تَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَٰبٍ مُّنِيرٍ}، ومِن هذه النعمِ العامَّةِ: المنافعُ العامَّةُ والتي يشتركُ فيهَا كلُّ الناسِ، وقد يكونُ لبعضِ الخلائِقِ غيرَ الإنسانِ نصيبٌ فيهَا .. مثلُ الماءِ والهواءِ والظلِّ والنارِ والعشبِ وغيرِ ذلكَ مِن النعمِ والمنافعِ العامَّةِ القديمةِ قدمِ الإنسانِ.. قالَ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (الناسُ شركاءُ في ثلاثٍ الكلأِ والماءِ والنارِ)،
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ)
ومِن هذه النعمِ العامَّةِ والمنافعِ العامَّةِ والتي يشتركُ فيهَا كلُّ الناسِ، لكنَّهَا نعمٌ استحدثَهَا الناسُ بهدايةٍ مِن اللهِ جلَّ وعلا كالمدارسِ والمعاهدِ والمشافِي والمساجدِ والطرقِ، وهي نعمٌ لكلِّ إنسانٍ فيهَا سهمٌ.. ومِن هنا وجَّهَ الإسلامُ: إلى ضرورةِ الحفاظِ على هذه المنافعِ العامَّةِ فلا تُستلبُ ولا تُنتهبُ ولا يُنتقصُ منها ولا يضيقُ على الناسِ فيهَا، ففِي بقائِهَا بقاءُ نفعِهَا وفي المساسِ بهَا يأتِي الأذَى.. لا لفردٍ ولا لفردينٍ ولكن الأذَى يلحقُ الناسَ أجمعين، قالَ جلًّ وعلا: {وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِي ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَٰاحِهَا ۚ }، فمَن لوّثَ الماءَ فقد آذَي الجميعَ وقد باءَ بالإثمِ، ومَن أفسدَ على الناسِ الهواءَ فقد آذاهُم وقد باءَ بالإثمِ، ومَن قضَى حاجتَهُ مِن بولٍ أو غائطٍ في مواضعِ الظلِّ وفي طرقاتِ الناسِ فقد باءَ بالإثمِ.. قال جلَّ وعلا: ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُۥ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ ﴾، وعن أبي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَهُ( يعني مَن رمى قذارتَهُ وأذاهُ) عَلَى طَرِيقٍ عَامِرٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، لذا أمرَنَا دينُنَا بالحفاظِ على المنافعِ العامَّةِ ورغَّبَ في حفظِهَا وصيانتِهَا لقولِ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ»، فمَن سعَى لعمارةِ منفعةٍ مِن منافعِ الناسِ فزادَ فيهَا وصينَهَا ووسعَهَا وجهزَهَا ونمّاهَا كان لهُ أجرٌ عظيمٌ عندَ اللهِ تعالَى ( مَن غرسَ نخلًا، مَن وسَّعَ نهرًا، مَن شقَّ طريقًا، مَن حفرَ بئرًا، مَن أزاحَ حجرًا، مَن أزالَ شوكًا) كان أجرُهُ عندَ اللهِ عظيمًا.. مشَى معاذُ بنُ جبلٍ صاحبُ رسولِ اللهِ ﷺ بطريقٍ ومعهُ رجلٌ فبينمَا معاذٌ يمشِي إذ لقَي بالطريقِ حجرًا يضيقُ على الناسِ ويؤذِيهم فمَا كان مِن معاذٍ إلَّا أنْ أزاحَ ذلك الحجرَ وأزالَهُ، فقِيلَ لهُ لِمَ فعلتَ ذلك؟ فقالَ لأنِّي سمعتُ النبيَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ يقولُ: «مَنْ رَفَعَ حَجَرًا مِنَ الطَّرِيقِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَةٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ»، والمحافظةُ على البيئةِ جزءٌ مِن إيمانِ الفردِ المسلمِ، كمَا قالَ رسولُ اللهِ ﷺ كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: « الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ» متفق عليه، بل جعلَ النبيُّ ﷺ المحافظةَ بابًا مِن أبوابِ الصدقاتِ، فقالَ ﷺ: «وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» رواه مسلم، والقاعدةُ الشرعيةُ تقولُ: “لا ضررَ ولا ضرار” فحافظُوا على بيئتِكُم ومرافقِهَا العامَّةِ، ففي نظافتِهَا ونقائِهَا طيبةُ النفوسِ، وسلامةُ الأجسادِ مِن العللِ، والغرسُ والزرعُ يزيدُ البيئةَ نضارةً وجمالًا، ويخفِّفُ مِن غُلَواءِ التلوثِ، كما أرشدَ نبيُّكُم ﷺ: « ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ؛ إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ »متفق عليه. وإِنَّ مَسْؤُولِيَّةَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ يَجِبُ أَنْ تَبْدَأَ بِنَشْرِ هَذِهِ الثَّقَافَةِ مِنَ الْبَيْتِ مُرُورًا بِالشَّارِعِ وَالطَّرِيقِ والمدارسِ والجامعاتِ والإعلامِ لنحافظَ على مصرِنَا وعلى بلدِنَا.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة
ثانيًا: واجبُنَا تجاهَ الأماكن والمرافقِ العامَّةِ.
أيُّهَا السادةُ: المُمْتَلَكَاتُ والمرافقُ العامةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِلْكٌ لِلْجَمِيعِ، عَلَيْهِمْ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَيْهَا، وَيُرَاعُوهَا، وَيَقُومُوا بِزَجْرِ مَنْ يُحَاوِلُ تَخْرِيبَهَا وَالْعَبَثَ بِهَا ، فَإذاَ كَانَ الْمَالُ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ الْوَاحِدُ لَا يَجُوزُ الاِعْتِدَاءُ عَلَيهِ، فَكَيْفَ بِمَالِ النَّاسِ جَمِيعًا يا سادةُ؟ لذا علينَا واجباتٌ تجاهَ المنافعِ المشتركةِ والأماكنِ العامَّةِ والمرافقِ العامَّةِ منها: المحافظةُ عليهَا لينتفعَ بهَا الجميعُ بلا استثناءٍ، وكيفَ لا؟ والْمُحَافَظَةُ عَلَى المرافقِ الْعَامَّةِ وَإِزَالَةُ الْأَذَى عَنِ الطُّرُقَاتِ مِن أسبابِ مغفرةِ الذنوبِ ومحوِ السيئاتِ، ففِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى اللهُ عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وكيف لا؟ والمحافظةُ على المرافقِ العامَّةِ دعَا إليه الإسلامُ ونبيُّ الإسلامِ ﷺ، كيف لا ؟ وهو الذي أوصى جيشَهُ ﷺ في الحروبِ قائلًا لهم: (وَلَا تَحْرِقُوا كَنِيسَةً ، وَلَا تَعْقِرُوا نَخْلًا ولا تقطعوا شجرًا ، ولا تهدموا بناءً ) رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى، وفي سننِ أبي داود قال النبيُّ ﷺ:” مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلَاةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ” سلِّمْ يا ربِّ سلِّمْ،. كيفَ لا؟ والْمُحَافَظَةُ عَلَى المرافقِ الْعَامَّةِ دليلٌ على البرِّ والصلاحِ والإيمانِ والصدقِ، قال اللهُ جلّ وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 3.
ومِن واجبِنَا تجاهَ المنافعِ المشتركةِ والأماكنِ العامَّةِ والمرافقِ العامَّةِ: عدمُ الاعتداءِ عليهَا بحالٍ مِن الأحوالِ وبأيِّ صورةٍ مِن الصورِ، وكيف لا؟ والاعتداءُ على المرافقِ العامَّةِ إفسادٌ في الأرضِ، واللهُ جلَّ وعلا حذَّرَنَا مِن الإفسادِ في الأرضِ بعدَ إصلاحِهَا، قال اللهُ تعالى: ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة:60] ، وقال جلَّ وعلا: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾[الأعراف:56 ، ونهانَا عن اتباعِ كلِّ مفسدٍ ضالٍ وطاعتهِ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:142] ، وقالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ*الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾الشعراء:151-152)، وكيفَ لا ؟ وكما أنّ الإسلامَ جعلَ لمالِ الإنسانِ الخاصِّ حرمةً وقداسةً، جعلَ للمالِ العامِّ والمنافعِ العامَّةِ والمرافقِ العامَّةِ حرمةً وقداسةً، بل أعلَى مِن شأن المالِ العامِّ والمرافقِ العامَّةِ والاهتمامِ بهما، فجعلَ الاعتداءَ عليهمَا أشدَّ حرمةً مِن المالِ الخاصِّ، ولو كانَ شيئًا يسيرًا، فقد روى مسلمٌ في صحيحهِ مِن حديثِ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ رضى اللهُ عنهُ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ: )مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا (إبرة) فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا (خيانةً وسرقةُ) يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، وكيفَ لا؟ وإهمالُ مقدراتِ الدولةِ وإساءةُ التعاملِ معهَا وتخريبُ وتدميرُ المنشآتِ العامَّةِ وإتلافُ الأشجارِ والحدائقِ يُعدُّ مِن صورِ الافسادِ، وقد توعَّدَ اللهُ هؤلاءِ بقولِهِ جلّ وعلا :﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ المائدة، فالاعتِدَاءُ عَلَى المرافقِ العامَّةِ ذنبٌ عظيمٌ، وجرمٌ كبيرٌ، وخزيٌ وعارٌ وخرابٌ ودمارٌ، والاعتداءُ عليهِ إفسادٌ في الأرضِ) وَاللَّهُ لَايُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة:205)
ومِن واجبِنَا تجاهَ المنافعِ المشتركةِ والأماكنِ العامَّةِ والمرافقِ العامَّةِ: عدمُ الِاخْتِلَاسِ وَالسَّرِقَةِ وَالرَّشْوَةِ مِن المرافقِ العامَّةِ، وعدمُ التَّسَاهُلِ فِي تَضْيِيعِ حُقُوقِ الدَّوْلَةِ بِأَيِّ صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ، وكذا الاعتداءُ على أملاكِ الدولةِ والأوقافِ ، قَالَ تَعَالَى: { وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } البقرة:190، وفي صحيحِ مسلمٍ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ ابْنِ زَيْدٍ tَقَال : قال رسولُ اللهِ ﷺ: (مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).
إلهِي لَسْتُ لِلْفِرْدَوْسِ اَهلاً***وَ لاَ اَقْوَي عَلَي النَّارِ الْجَحِيْمِ
فَهَبْ لِي تَوْبَةً وَ اغْفِرْ ذُنُوْبِي ***فَاِنَّكَ غَافِرُ الذَنْبِ الْعَظِيْمِ
وَ عَامِّلْنِي مُعامَلةً الْكَرِيْمِ***وَ ثَبِّتْنِي عَلَي النَّهْج الْقَوِيْمِ
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم
الخطبةُ الثانيةُ: الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا له وبسم اللهِ ولا يستعانُ إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة
ثالثــــًا وأخيرًا: هيَّا لننهضَ ببلدِنَا مصرَ الغاليةِ.
أيُّها السادةُ: إِنَّ مَسْؤُولِيَّةَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ والمرافقِ العامَّةِ وبيانَ مخاطرِ التعدِّيِ عليهَا تقعُ على عاتقِ الجميعِ .
لذا يَجِبُ أَنْ نبْدَأَ بِنَشْرِ هَذِهِ الثَّقَافَةِ مِنَ الْبَيْوتِ مُرُورًا بِالشَّوارِعِ وَالطَّرِقِاتِ والإعلامِ والمساجدِ والمعاهدِ والجامعاتِ وفي كلِّ مكان.
فَالنَّبِيُّ ﷺ يُعَلِّمُنَا أَهَمِّيَّةَ النَّظَافَةِ فِي الْبَيْتِ مِنْ خِلَالِ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ، فَقَال ﷺ كما في حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ tقال: «نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ« (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)، وَتَبْدَأُ الْعِنَايَةُ بِالْمُمْتَلَكَاتِ والمرافقِ العامَّةِ: مِنْ خِلَالِ تَعْلِيمِ الْأَبْنَاءِ تَنْظِيفَ غُرَفِهِمْ، وَتَرْتِيبَ مَلَابِسِهِمْ، وَحَمْلَ نُفَايَاتِهِمْ. وَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ: أَنْ يَتَحَمَّلُوا مَسْؤُولِيَّاتِهِمْ تُجَاهَ أَبِنَائِهِمْ مَنْ خِلَالِ تَوْعِيَتِهِمْ وَالْأَخْذِ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَعَدَمِ التَّسَاهُلِ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ: أَنَّ الْجِدَارَ الَّذِي يُشَوَّهُ، وَالطَّرِيقَ الَّذِي يُخَرَّبُ، وَالْحَدَائِقَ الَّتِي تُتْلَفُ- يَجَبُ أَنْ نَسْتَشْعِرَ أَنَّهَا بُيُوتُنَا وَأَمْوَالُنَا، فَكَيْفَ نُحِبُّ أَنْ تَكُونَ ؟!وَعَلَى الْآبَاءِ أَنْ يَسْتَشْعِرُوا أَنَّ مَن اعْتَادَ إِتْلَافَ الْمُمْتَلَكَاتِ فِي الْخَارِجِ سَيَنَالُ هَذَا التَّخْرِيبُ الْبَيْتَ الَّذِي يَسْكُنُهُ، وَالسَّيَّارَةَ الَّتِي يَرْكَبُهَا، وَالْمَكَانَ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ. وَعَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ قُدْوَةً فِي تَصَرُّفَاتِنَا مِنْ المحافظةِ على المرافق العامةِ وبيانِ مخاطرِهَا للجميع .
وعلينَا جميعًا أنْ نحافظَ على بلدِنَا وأرضِنَا ووطنِنَا لننهضَ بمصرِنَا الغاليةِ وذلك مِن خلالِ المحافظةِ على المرافقِ العامَّةِ والأماكنِ العامَّةِ وعدمِ الاعتداءِ عليهِ فكُلُّنَا ركابُ سفينةٍ واحدةٍ إذا نجتْ السفينةُ نجًا الجميعُ وإذا هلكتْ هلكَ الجميعُ ، قالتْ زينبٌ رضي اللهُ عنها: (يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ )متفق عليه.
ولابُدَّ مِن فرضِ عقوباتٍ رادعةٍ على المفسدينَ المخربينَ للمرافقِ العامَّةِ والأماكنِ العامَّةِ قبلَ المرافقِ الخاصةِ: قال عثمانُ رضي اللهُ عنه: (إنَّ اللهَ ليزعُ بالسلطانِ مالا يزعُ بالقرآنِ)، ونشرُ التوعيةِ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ والإعلامِ المرئيِّ والمسموعِ وفي خطبِ الجمعِ والمساجدِ والمحاضراتِ والندواتِ وَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَحْضِرَ عِظَمَ النَّفَقَاتِ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا الدَّوْلَةُ نَتِيجَةَ مَا يَحْصُلُ مِنَ الْإِتْلَافِ وَالتَّخْرِيبِ وَالتَّشْوِيهِ وَالتَّكْسِيرِ، فَهَذِهِ الْمَبَالِغُ الْمُهْدَرَةُ فِي إِصْلَاحِ مَا أُتْلِفَ لَوْ وُجِّهَتْ لِنَفْعِ النَّاسِ لَحَصَلَ بِذَلِكَ خَيْرٌ عَظِيمٌ.
فالمحافظةُ على الأوطانِ دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ …والمحافظةُ على المرافقِ العامَّةِ من هدى النبيِّ العدنانِ ﷺ والتعدِّي على المرافقِ العامَّةِ جريمةٌ لا تغتفرُ، جريمةٌ تؤدِّي إلى الخرابِ والهلاكِ والدمارِ ولا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللهِ، والواجبُ علينَا أيُّها الأخيارُ أنْ نكونَ في سلامٍ مع بيئتِنَا ووطنِنَا مصرَ الغاليةِ التي نعيشُ على ترابِهَا لنهنَئَ جميعًا بوطنِنَا ويهنئَ أولادُنَا وأحفادُنَا مِن بعدِنَا على أرضِ الكنانةِ.
مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ*** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها
ندعوكَ يا ربِّ أنْ تحمِي مرابعَهَا *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا
مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ
حفظ اللهُ مصرَ من كيد الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف